تذبذب ملفت بالأسواق مع مأزق الفيدرالي الأمريكي
تذبذب ملفت بالأسواق المالية خلال تداولات اليوم ويوم أمس، في ظل إشارات من رئيس الفيدرالي الأمريكي عن معضلة صعبة تواجه صنّاع السياسة النقدية.
وقلل رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي “جيروم باول” احتمالات خفض الفائدة في الفيدرالي الأمريكي خلال الفترة القصيرة المقبلة.
وقال رئيس الفيدرالي في حلقة نقاش في مركز ويلسون بالعاصمة الأمريكية واشنطن، بأن التضخّم لم ينخفض بشكل كافٍ الأشهر الأخيرة.
وأشار في تصريحاته بأن البيانات الأخيرة “لم تمنحنا ثقة أكبر، بل تشير إلى أنه من المرجّح أن يستغرق التضخّم وقتاً أطول من المتوقّع لتحقيق الثقة”.
وفهمت الأسواق المالية من هذه التصريحات أن الفيدرالي ليس واثق حالياً من احتمالات خفض الفائدة.
كما أصبحت الأسواق ترى أن الفيدرالي ربما ليس واثقاً من عودة التضخّم إلى 2.00% على المدى الطويل.
وأكّد رئيس الفيدرالي أن الاحتياطي قادر على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول لتهدئة ارتفاع الأسعار.
تجدر الإشارة لأن تعليقات رئيس الفيدرالي أمس كانت مختلفة تماماً عن تصريحاته قبل شهر واحد عندما التزم بتوقعات خفض الفائدة.
ونرى في تصريحات الفيدرالي قبل نحو شهر التزاماً باحتمالية خفض الفائدة ثلاثة مرّات هذه السنة.
لكن حالياً، أصبحت الأسواق لا تتوقّع خفض الفائدة بهذا المقدار.
وعاد جيروم باول للإشارة لفترة جائحة كورونا، قائلاً بأن الفيدرالي ضخ كثيراً من النقد في الاقتصاد خلال الوباء.
وقال إن النقد الذي تم ضخّه حينها ما زال يجد طريقاً لقطاعات الاقتصاد.
وتعتبر هذه معضلة حقيقية أمام الفيدرالي الأمريكي، بين سياسة تشديد الفائدة لكن مع وفرة النقد في الاقتصاد.
بالتالي، أصبحت الأسواق أكثر اقتناعاً بأن الفيدرالي لن يخفّض الفائدة خلال الأشهر القليلة المقبلة.
بحسب مجموعة CME (المصدر)، أصبحت الأسواق تعتقد أن أوّل خفض في الفائدة قد يحصل شهر سبتمبر أو بعده.
وكانت الأسواق قبل شهر واحد تعتقد أن الفيدرالي سيبدأ سلسلة خفض الفائدة شهر يونيو كأبعد تقدير.
تذبذب ملفت بالأسواق المالية، ما الأسباب؟
تذبذب ملفت بالأسواق يشمل حركة الين الياباني
شهد الين الياباني خلال تداولات الثلاثاء تذبذباً كبيراً اعتقدت الأسواق أنّه تدخّل من حكومة اليابان أو بنك اليابان المركزي.
وانخفض الدولار مقابل الين الياباني من مستويات فوق 154.60 لمستويات حول 153.90.
بعد ذلك، عاد الزوج للتداول في نطاق حول 154.50 نقطة.
واعتقدت الأسواق أن ذلك دلالة على تدخّل بأسعار الصرف، لكن لا توجد تأكيدات رسمية على ذلك.
على العكس، قال أحد أعضاء بنك اليابان المركزي أن الين المنخفض يدعم شركات يابانية، خصوصاً المعتمدة على التصدير.
كما أشار عضو المركزي إلى أنه غير متأكد فيما إذا كان المركزي سيقوم برفع الفائدة من جديد.
وقال أيضاً أن الانخفاض بسعر صرف الين الياباني نتاج قوّة كبيرة في الاقتصاد الأمريكي انعكست على شكل ضعف الين.
لكن، المتداولون حالياً يعتقدون أن مستويات حول 155 ين للدولار الأمريكي الواحد قد تكون الحاجز لتدخل بنك اليابان أو حكومة اليابان لوقف الانخفاض القياسي بسعر صرف الين الياباني أمام سلّة العملات.
وتراجع الين الياباني على مدى هذه السنة بحوالي 9.5%، فاقداً هذا الشهر لوحده نحو 2%.
أسعار الذهب في حيرة وتذبذب فوق 2300 دولار
تذبذب ملفت بالأسواق المالية شمل أيضاً حركة أسعار الذهب، حيث أن أسعار الذهب تتداول في نطاق فوق 2300 دولار.
وبدأ الذهب تداوله فوق 2300 باستقرار منذ الخامس من هذا الشهر أبريل 2024، ولم يهبط ما دونه منذ ذلك الحين.
وكان الذهب قد لامس أعلى سعر قياسي له فوق 2430 دولار للأونصة، قبل أن يهبط مرّة أخرى للنطاق المشار له.
وتستفيد أسعار الذهب من التوتّرات الجيوسياسية العالمية.
ورغم أن أسعار الذهب تتأثّر سلباً بارتفاع الدولار وصعود عوائد السندات وكذلك أسعار الفائدة المرتفعة، دعمت التوتّرات الجيوسياسية الذهب.
ورغم أن الاحتياطي الفيدرالي قد لا يخفّض الفائدة قريباً، إلا أن بنوكاً مركزية أخرى قد تبدأ بخفض الفائدة.
من المركزي الأوروبي، قال “ماريو سينتينو” يوم أمس أن أول خفض للفائدة سيكون شهر يونيو المقبل.
وأكّد أنه إذا كان على المركزي الأوروبي خفض الفائدة قبل الفيدرالي فسوف يفعل ذلك.
كما أكّدت عضو المركزي الأوروبي “إيزابيل” أنها داعمة للمرونة بالنسبة للسياسة النقدية.
هذا وصرّحت رئيسة المركزي الأوروبي في وقت قريب مشيرة إلى أن المركزي سيخفّض الفائدة ما لم تحصل مفاجآت كبيرة.
من بريطانيا، قال رئيس بنك إنجلترا “آندرو بايلي” أنه يتوقّع أن ينخفض التضخّم انخفاضاً قوياً الشهر المقبل.
وبذلك، تعتقد الأسواق أن بنك إنجلترا أيضاً سيخفض الفائدة.
بالتالي، نلاحظ أن هنالك دعماً للذهب من توقعات خفض الفائدة في أوروبا وبريطانيا.
كما أن خفض الفائدة في سويسرا كان داعماً لارتفاع الذهب جنباً إلى جانب مع التوتّرات الجيوسياسية.
ربما يهمّك أيضاً: صعود أسعار المعدن الأصفر بدعم من تراجع مؤشر الدولار الأمريكي واستمرار التوترات الجيوسياسية بالشرق الأوسط
البيانات الاقتصادية المنتظرة اليوم:
تزيد أهمية البيانات الاقتصادية يوماً بعد يوم، ليتسبب ذلك في تذبذب ملفت بالأسواق المالية مع البيانات الاقتصادية.
والبيانات الاقتصادية القوية قد تكون سبباً لتأكيد أن الفيدرالي لن يخفّض الفائدة قريباً.
لكن، إذا بدأ منحنى البيانات الاقتصادية يظهر ضعفاً اقتصادي، هنا ربما تعود احتمالات خفض الفائدة.
بالتالي، قد تكون بيانات أميركا اليوم ذات تأثير على الأسواق المالية.
نترقّب اليوم بداية بيانات طلبات البطالة الأسبوعية المتوقّع لها أن تظهر ارتفاعاً طفيفاً من 211 ألف إلى 215 ألف طلب.
كما سنكون مع بيانات مؤشر التصنيع لولاية فيلادلفيا المتوّقع له أن يظهر انخفاضاً من 3.2 إلى 1.5 نقطة.
بعد ذلك، ستتوقّف الأسواق المالية مع بيانات مبيعات المنازل القائمة.
وتتوقّع الأسواق المالية بأن بيانات المنازل ستظهر انخفاضاً في المبيعات من 4.38 مليون إلى 4.2 مليون منزل.
كما سيصدر مؤشر CB الرائد من الولايات المتحدّة، وتتوقّع الأسواق أن يظهر انكماشاً بنسبة -0.1% بعد نمو طفيف عند 0.1%.
وقد يكون من المهم متابعة تصريحات أعضاء الفيدرالي الأمريكي “بومان” وكذلك ويليامز” وأيضاً “بوستك”.
فتصريحات الفيدرالي قد تكون ذات تأثير على الأسواق في حال شملت إشارات عن توقعات الفائدة.
بيانات أفضل من توقعات الأسواق قد تتسبب بارتفاع الدولار، وربما يصحح الذهب هبوطاً وقد تتراجع الأسهم.
لكن، بيانات أسوأ من المتوقع قد تقدّم دعماً للأسهم والذهب، وربما يتراجع الدولار أمام سلّة العملات.
لا يجب أن ننسى أن الأسواق المالية ستتحرّك متأثّرة أيضاً في أي مستجدات بخصوص التوترات الجيوسياسية.
كما أن الأسواق الأمريكية ستكون مع موعد إعلان نتائج عديد من الشركات هذا اليوم، تشمل شركة نتفلكس.
وتعتقد الأسواق المالية أن نتفلكس ستعلن عن صافي إيرادات بقيمة 9.27 مليار دولار.
وترى الأسواق أن الشركة ستعلن عن ربحية سهم بحوالي 4.51 دولار.
ونتائج أعمال الشركات قد يكون لها تأثير في أسواق الأسهم الأمريكية، وحركة أسواق الأسهم قد تؤثّر أيضاً على الدولار.