امتزاج شهية المخاطرة بالحذر وسط مستجدات أساسية عديدة

امتزاج شهية المخاطرة بالحذر أمر أثّر بالأسواق المالية على مدى تداولات هذا الشهر فبراير، مع صدور عدد من المستجدات الأساسيّة وترقّب أخرى.
فمنذ بداية الشهر، شهدنا ارتفاعاً بأسعار الذهب بأكثر من 4%، ليرتفع المعدن الثمين للشهر الثاني على التوالي لأسعار قياسية.
وتدل حالة الارتفاع بأسعار الذهب بأن الحذر ما زال موجوداً بالأسواق رغم أن هنالك شهية مرتفعة للمخاطرة.
وتم تداول المعدن الأصفر فوق 2900 دولار للأونصة لأوّل مرّة على الإطلاق هذا الشهر.
وتقلق الأسواق المالية من السياسات الأمريكية المستقبلية المحتملة في عهد دونالد ترامب، خصوصاً سياساته التجارية.
لكن من ناحية أخرى، نلاحظ ارتفاعاً في مؤشرات الأسهم الأمريكية، أهمها مؤشر ناسداك الذي تغلب فيه شركات التكنولوجيا.
ووصل مؤشر ناسداك 100 التكنولوجي المجمّع إلى أعلى مستوياته على الإطلاق هذا الشهر فبراير، فوق 22 ألف نقطة.
وحقق المؤشر مكاسب زادت عن 3.5%. كما ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي الأوسع نطاقاً أكثر من 1.5% لأعلى مستوياته على الإطلاق.

امتزاج شهية المخاطرة بالحذر تسبب تبايناً في سياسات البنوك المركزية

نلاحظ أن امتزاج شهية المخاطرة بالحذر في العالم شملت أيضاً البنوك المركزية.
فمن ناحية، نرى البنوك المركزية متفائلة حيال انخفاض التضخّم خلال 2024 مما سمح لها بخفض الفوائد.
لكن بنفس الوقت، نلاحظ الحذر جلياً بما يتعلّق بالسياسات المستقبلية فيها.
وتقلق البنوك المركزية من احتمال عودة التضخّم للارتفاع، مصاحباً لتراجع النمو الاقتصادي بفعل السياسات الأمريكية.
وتضر سياسات دونالد ترامب في حال تم تنفيذها كاملة بالتجارة العالمية، وبالتالي على النمو الاقتصادي سلباً والتضخّم بدفعه للارتفاع.
ولاحظنا هذا الشهر تراجعاً بالدولار الأمريكي أمام سلّة من العملات بنسبة تقارب 1.5% مع تفضيل المستثمرين أصولاً آمنة أخرى.
كما ساهم توجّه المستثمرين لأسواق الأسهم بالتخلّي عن العملة الخضراء ليتم تداول مؤشر الدولار في نطاق 106 نقاط هذا اليوم.
وبالنظر إلى سياسات البنوك المركزية، سنلاحظ ما يلي:

الاحتياطي الأسترالي

قرر الاحتياطي الأسترالي اليوم خفض الفائدة 25 نقطة أساس إلى 4.10% من 4.25%.
وكان خفض الفائدة الذي أجراه اليوم الأوّل منذ شهر نوفمبر عام 2020.
لكن، بدا الاحتياطي الأسترالي متشدداً رغم خفضه الفائدة، مشيراً إلى حالة عدم اليقين في المستقبل.
والأسواق المالية تعتقد حالياً أن الاحتياطي الأسترالي سيكون حذراً بما يخص سلسلة خفض الفائدة مستقبلا.
وهذا الأمر تسبب في استقرار الدولار الأسترالي في نطاق 63 سنتاً أمريكي، محافظاً على أغلب مكاسب الشهر رغم خفض الفائدة.

الاحتياطي النيوزلندي

تترقّب الأسواق المالية قرار الاحتياطي النيوزلندي حيال أسعار الفائدة والذي سيصدر يوم غدٍ الأربعاء.
وتشير توقعات الأسواق المالية بأن الاحتياطي النيوزلندي سيجري رابع خفض بالفائدة منذ بدء سلسلة خفض الفوائد.
وتتوقّع الأسواق خفض الفائدة من 4.25% إلى 3.75%، أي خفضها بشكل حاد وبمقدار 50 نقطة أساس.
وتعتقد الأسواق بأن الاحتياطي النيوزلندي سيخفض الفائدة بفعل حقيقة ركود الاقتصاد خلال الربع الثاني والثالث 2024.
والبيانات الاقتصادية التابعة للربع الرابع والصادرة من نيوزلندا لا تظهر تحسّناً ملموساً بالنمو الاقتصادي.
وبالنظر إلى الحقائق بالأرقام، سنرى انكماش الاقتصاد بنسبة -1.1% الربع الثاني وبنسبة -1.0% الربع الثالث 2024.
أما التضخّم، فقد استقر عند 2.2% بحسب مؤشر أسعار المستهلكين.
وتراجع الدولار النيوزلندي اليوم أكثر من 0.3% مقلّصاً مكاسبه الشهرية مع اقتراب قرار خفض الفائدة المحتمل في نيوزلندا.
وتم تداول الدولار النيوزلندي في مستويات حول 57 سنتاً أمريكي هذا اليوم الثلاثاء.

الفيدرالي الأمريكي

في ظل امتزاج شهية المخاطرة بالحذر في الأسواق المالية، نرى أيضاً امتزاجها بين أعضاء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
فبين آخر قراءة أثبتت ارتفاع التضخّم إلى 3.0% بحسب مؤشر أسعار المستهلكين شهر يناير من 2.4% شهر سبتمبر 2024، وبين تراجع النمو الاقتصادي من 3.1% الربع الثالث إلى 2.3% الربع الرابع 2024، ترى الأسواق بأن الفيدرالي سيشهد انقساماً في آراء الأعضاء.
وبحسب مجموعة CME (المصدر)، تعتقد الأسواق المالية أن ارتفاع التضخّم سيجبر الفيدرالي على تثبيت الفائدة.
وبالنظر لإحصائيات المجموعة، تتوقّع الأسواق تثبيت الفائدة الاجتماع المقبل شهر مارس 2025 باحتمالية تصل إلى 97.5%.
كما تعتقد الأسواق بأن الفيدرالي سيثبّت الفائدة في اجتماعه لشهر مايو 2025 بنسبة احتمالية تصل إلى 81.4%.
ورغم هذا التأكّد لدى الأسواق باحتمال تثبيت الفائدة الفيدرالية، إلا أن الأسواق المالية ستتابع محضر اجتماع الفيدرالي.
وسيصدر محضر اجتماع الفيدرالي الأمريكي يوم غدٍ الأربعاء، وستحاول الأسواق البحث عن أي دلائل حيال مستقبل الفائدة.

البيانات الاقتصادية اليوم

في ظل امتزاج شهية المخاطرة بالحذر في الأسواق المالية، نلاحظ بأن أغلب البيانات الاقتصادية تسبب تذبذب بالأسواق.
لكن، مقدار نطاق التذبذب أقل مما اعتدنا أن نرى مسبقاً، لأن مسيرة الفوائد في البنوك المركزية تبدو الآن أكثر وضوحاً.
وصدرت اليوم بيانات الوظائف من بريطانيا لتظهر استقرار البطالة عند 4.4% بينما توقّعت الأسواق ارتفاع المعدّل لـ4.5%.
لكن نفس البيانات أفادت بارتفاع كبير فاق توقعات الأسواق في طلبات البطالة وبمقدار 22 ألف طلب الشهر الماضي يناير 2025.
وبالنظر إلى حركة الجنيه الإسترليني، سنلاحظ استقرار تداوله في نطاق دولار و26 سنتاً أمريكي، بتداول في نطاق محدود.
وتثبت لنا حركة الجنيه الإسترليني بأن امتزاج شهية المخاطرة بالحذر في الأسواق المالية يؤثّر في الاتجاهات الإجمالية ويحميها.

البيانات المنتظرة

بعد قرار بنك إنجلترا المركزي، وبعد صدور البيانات الاقتصادية البريطانية، تترقّب الأسواق المالية اليوم صدور عدّة مستجدات.
بداية، سنكون من أوروبا مع بيانات مؤشر ZEW للثقة بالاقتصاد.
وتتوقّع الأسواق أن يظهر المؤشر ارتفاع الثقة في الاقتصاد بمنطقة اليورو بارتفاعه من 18.0 إلى 24.3 نقطة.
وبالنسبة لمؤشر الثقة في الاقتصاد الألماني، تتوقّع الأسواق ارتفاعه من 10.3 إلى 19.9 نقاط.
كما سنكون اليوم مع بيانات التضخّم من كندا بحسب مؤشر أسعار المستهلكين.
وتتوقّع الأسواق أن يظهر مؤشر التضخّم الكندي استقراراً بالتضخّم عند 1.8%.
بعد ذلك، سنكون مع مؤشر التصنيع لولاية نيويورك الأمريكية المتوقّع أن يظهر ارتفاعاً من -12.6 إلى -1.9 نقاط.
ثم مع مؤشر NAHB لقطاع المنازل الأمريكي وتوقعات انخفاضه من 47 إلى 46 نقاط.
ومن الفيدرالي، سيقدّم كل من “دالي” وأيضاً “بار” تصريحات.

ربما يهمّك أيضاً:

أسعار النفط مستقرة وسط احتمالات السلام بين روسيا وأوكرانيا
أسعار الذهب مازلت تحافظ علي صعودها كملاذ أمن بدعم من الأضطربات العالمية
صفحتنا الرسمية عبر فيسبوك