توتّرات اقتصاديّة ومخاوف تجارية وماليّة وأيضاً سياسيّة تؤثّر بمعنويات الأسواق

توتّرات اقتصاديّة ومخاوف تجارية وماليّة أثرّت بالأسواق المالية خلال تداولات هذا الأسبوع، لتدفع الدولار للهبوط والذهب للصعود.
وشهدت أسعار الذهب ارتفاعاً أسبوعي هو الأكبر منذ أكثر من شهر، ليستفيد المعدن الأصفر من تراجع الدولار ومخاوف الدين الأمريكي.
وتم تداول المعدن الثمين هذا اليوم فوق 3330 دولار للأونصة وبقي مستقراً فوق 3300 دولار.
وتراجع الدولار الأمريكي أمام سلّة من العملات، ليتراجع مؤشر الدولار هذا الأسبوع بنسبة تزيد عن 1.6%.
وتزايد قلق الأسواق المالية حيال مستقبل الوضع المالي في الولايات المتحدة، مع التوجّه للتصويت على قانون خفض الضرائب.
وأقر مجلس النواب الأميركي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، أمس الخميس، مشروع قانون شامل للضرائب والإنفاق.
ويتضمن مشروع القانون تنفيذ معظم أجندة الرئيس دونالد ترامب، ويضيف تريليونات الدولارات إلى الدين الحكومي.
وارتفعت عوائد السندات الأمريكية هذا الأسبوع بشكل كبير، كما انخفض الطلب على سندات الحكومة استحقاق 20 عام.

توتّرات اقتصاديّة ومخاوف تفاقم الدين الأمريكي

توتّرات اقتصاديّة ومخاوف تجارية اجتمعت مع قلق الأسواق المالية من تفاقم الدين الأمريكي.
وقامت وكالة موديز بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدّة، وتوقّعت ارتفاع العجز الحكومي إلى 134% من الناتج المحلي.
وعلى وقع اعتقاد الأسواق أن مشروع قانون خفض الضرائب سيقلل دخل الحكومة الأمريكية، ليزيد العجز المالي، شهدنا تدهوراً بأسواق السندات.
وارتفعت عوائد سندات الحكومة الأمريكية كدلالة على انهيار الثقة فيها وانخفاض أسعارها.
ووصلت عوائد سندات الحكومة الأمريكية استحقاق عشرة سنوات فوق 4.6% هذا الأسبوع قبل أن تتراجع لحوالي 4.5%.
وصعدت عوائد سندات الحكومة استحقاق 30 عاماً إلى 5.15%، وهي قريبة من المستويات المتحققة في أكتوبر 2023 عند 5.17%.
وتعتبر قيمة 5.17% المتحققة في أكتوبر 2023 الأعلى منذ عام 2007.

لماذا القلق من عوائد السندات؟

توتّرات اقتصاديّة ومخاوف تجارية مرتبطة بعديد من الظروف منها عوائد السندات الأمريكية.
في أكتوبر 2023، كانت أسعار الفائدة في الفيدرالي عند الحد الأعلى 5.5% لتبرر ارتفاع عوائد السندات حينها.
لكن الآن، عوائد السندات قريبة من المستوى الأعلى لأكتوبر 2023 رغم أن الفوائد الفيدرالية انخفضت 100 نقطة أساس.
لذلك، نلاحظ بأن ما يبرر ارتفاع عوائد السندات الأمريكية حالياً هو القلق حيال سلامة الوضع المالي الأمريكي.
وبالتالي، يخشى المتداولون الأسوأ، وهو انفجار فقاعة السندات الأمريكية التي قد تتسبب بأزمة مالية حقيقية.
وحتى لو لم تنفجر الفقاعة، فارتفاع عوائد السندات سيجبر الحكومة الأمريكية على تقديم سندات بعوائد أكثر ارتفاعاً.
ومنه، سنرى ارتفاع تكاليف الاقتراض على الحكومة الأمريكية، مهدداً بذلك الإنفاق، وبه يتأثّر النمو الاقتصادي.

حرب التجارة ما تزال مستمرّة

استطاعت الولايات المتحدّة والصين إبرام اتفاق تجارة مبدأي تم فيه خفض الرسوم الجمركية لمدّة 90 يوم.
وقال مسؤولون بأن المفاوضات ما زالت مستمرّة وأن هنالك تقدّم في المفاوضات حيال مستقبل العلاقات التجارية الأمريكية الصينية.
لكن بنفس الوقت، لا يعني أن الرسوم الجمركية سيتم إزالتها، بل الرسوم الجمركية ستبقى بقيم أقل مما كان يُخشى سابقاً.
على ذلك، ما زالت حرب التجارة قائمة خصوصاً بعد تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن المفاوضين التجاريين للرئيس الأميركي يضغطون على الاتحاد الأوروبي لخفض الرسوم الجمركية على السلع الأميركية.
وبحسب الصحيفة، فإن المفاوضين يقولون إنه بدون تنازلات لن يحرز الاتحاد تقدما في المحادثات لتجنب رسوم مضادة إضافية بنسبة 20%.
ويبدو أن التوتّرات التجارية العالمية ما زالت مستمرّة، خصوصاً وأن اليابان أيضاً قلقة من عدم التوصّل لاتفاق تجاري بوقت قريب.

السياسة تقلق الأسواق المالية ايضاً

في ظل توتّرات اقتصاديّة ومخاوف تجارية وماليّة تؤثّر بالأسواق المالية، تستمر التوتّرات السياسية في التأثير أيضاً.
قال وزير الخارجية الإيراني إن في حالة رغبة أميركا إنهاء برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم، فلن يتم التوصل إلى اتفاق نووي.
وهذا يعني أن رغبة العديد من الدول عدم امتلاك إيران برنامج تخصيب لليورانيوم لن يتحقق بسهولة.
وتخشى الأسواق المالية الأسوأ في حال عدم التوصّل لاتفاق حيال الملف النووي الإيران، وصولاً إلى حرب شاملة.
ورغم تصريحات المتحدّثة باسم البيت الأبيض للصحفيين بأن ترامب يرى أن المحادثات مع إيران تسير بالاتجاه الصحيح، إلا أن الرئيس الأميركي قال إنه ينبغي وقف جميع مشتريات النفط أو البتروكيماويات من إيران.
ونقلت أيضاً وكالة CNN بأن معلومات استخباراتيّة أمريكية تشير لاستعداد إسرائيلي لضرب منشآت نووية في إيران (المصدر).
من هنا، نرى بأن الاقتصاد العالمي أيضاً يعاني جراء عدم يقين سياسي.

علاقة العالم مع روسيا لم تستقر

ورد في صحيفة فاينانشيال تايمز أن الولايات المتحدّة ربما ستتراجع عن محاولة حل النزاع الروسي الأوكراني.
وتعهد وزراء مالية مجموعة السبع بتشديد العقوبات على روسيا، حال عدم إحراز تقدم نحو السلام مع أوكرانيا.
وأعرب بعض المسؤولين عن دهشتهم من موافقة واشنطن على البيان، إذ أنها جاءت بعد مكالمة بين الرئيس الأمريكي والرئيس الروسي.
والمستجدات أثارت مخاوف بشأن استعداد الولايات المتحدة للتخلي عن جهودها لتأمين وقف إطلاق النار.
كما أن مجموعة السبع اتفقت على خفض سقف سعر النفط الروسي من 60 إلى 50 دولار، كجزء من العقوبات الإضافية.

توتّرات اقتصاديّة ومخاوف تجارية وماليّة وأيضاً سياسيّة، ماذا بعد؟

في ظل توتّرات اقتصاديّة ومخاوف تجارية وماليّة وأيضاً سياسيّة، قد ينخفض تأثّر الأسواق المالية في البيانات الاقتصادية.
واليوم، سنكون مع بيانات التضخّم بحسب مؤشر أسعار المستهلكين من كندا.
كما ستصدر بيانات مبيعات المنازل الجديدة في أميركا وتوقعات إظهارها انخفاض العدد من 724 آلاف إلى 694 آلاف منزل.
هذا وسوف تستقبل الأسواق تصريحات أعضاء الفيدرالي “موسالم” و”شميد” وكذلك “كوك”.
وسيصدر تقرير الاستقرار المالي من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
لكن كل ذلك سيختلط مع تأثّر الأسواق المالية في حالة عدم اليقين التجاري والسياسي والجيوسياسي.
ومنه لا يجب استبعاد تذبذب بالأسواق المالية.
ولا يجب أن نهمل احتمال حصول فجوات سعرية مع افتتاح الأسواق يوم الإثنين المقبل، في حال حصول مستجدات خلال عطلة نهاية الأسبوع.

ربما يهمّك أيضاً:

تراجع أسعار النفط الخام بتعاملات الخميس
هبوط أسعار الذهب يوم الخميس بدعم من صعود مؤشر الدولار