تصريحات الفيدرالي ومستجدات أساسية تدفع الدولار للارتفاع أمس. لكن، ماذا عن حركته اليوم؟
ارتفع الدولار الأمريكي مقابل سلّة من العملات الرئيسية يوم أمس بعد بداية متعثّرة له، حيث انتهت تداولات يوم أمس بمكاسب بنحو نصف نقطة أساس. واستفاد الدولار من تصريحات أعضاء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى جانب إصدار منظّمة التجارة العالمية إعلاناً بخصوص توقعات نمو التجارة العالمي.
وقال “جون ويليامز” عضو الاحتياطي الفيدرالي أمس الإثنين بأنه لا يرى توجّه الاقتصاد الأمريكي للركود، وأن الفيدرالي “سيحتاج إلى الحفاظ على السياسة النقدية المتشددّة لبعض الوقت”، وتوقّع بقاء الفائدة مرتفعة حتى نهاية العام المقبل على الأقل، وأن لا خفض بأسعار الفائدة حتى عام 2024. من جهتها “لوريتا مستر” عضو الاحتياطي، فقد قالت في تصريح نشر على فاينانشيال تايمز قالت فيه بأنها تتوقّع ألّا يتوقّف الفيدرالي عن رفع الفائدة، لحين ظهور بوادر تحسّن في بيانات التضخّم. أما “لايل برينارد” نائبة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، فقد قالت بأنه “قد تكون هنالك سلسلة من صدمات العرض المترتّبة على الفترات الطويلة من التضخّم المرتفع”، لتظهر بذلك قلقها حيال ارتفاع معدّلات التضخّم، وهذا يعتبر تلميحاً لدعمها تشديد السياسة النقدية.
على ذلك، صعد الدولار الأمريكي مستفيداً من توقعات استمرار الفيدرالي رفع الفائدة، وبحسب مجموعة CME، ما زال متوقّعاً أن يرفع الفيدرالي الفائدة 50 نقطة أساس فقط في اجتماعه المقبل، لكن بدأنا نلحظ عدم استبعاد الأسواق أن يقوم الفيدرالي بمفاجأة رفع الفائدة 75 نقطة أساس. بحسب المجموعة، ارتفع احتمال رفع الفائدة 75 نقطة أساس إلى أكثر من 30%، مقارنة باحتمال مقداره 24.2% قبل أسبوع.
وأعلنت منظّمة التجارة العالمية عن توقعاتها بشأن نمو التجارة مشيرةً لأن التجارة العالمية تباطأت خلال الأشهر الأخيرة من العام الجاري، وتتوّقع أيضاً استمرار التباطؤ حتى عام 2023. وإعلان منظّمة التجارة يتماشى مع توقعات صندوق النقد الدولي الذي توقّع سابقاً تباطؤ حاد في نمو الاقتصاد العالمي. ويستفيد الدولار من التوقعات المتشائمة للاقتصاد العالمي، لأن الطلب على العملة الخضراء يتزايد مع زيادة مخاوف وقوع العديد من الدول بالركود.
وتأثّر اليورو بصعود الدولار، وهبط إلى دولارٍ و3 سنتات أمريكية، بعدما كان قد تداول أمس قريباً من دولار و5 سنتات، وكانت رئيسة البنك المركزي الأوروبي “كريستين لاجارد” قد صرّحت أمس أمام لجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية للبرلمان الأوروبي قائلة أن أسعار الفائدة ستظلّ الأداة الرئيسية لمحاربة التضخّم، لكنّها لم تظهر تصريحات أكثر تشدداً مما كان متوقّعا، ليبقى الضغط على اليورو أمام الدولار.
بالنسبة للجنيه الإسترليني، ـ فقد انخفض خلال تداولات اليوم الثلاثاء ليتم تداوله عند دولار و19 سنتاً أمريكي، منخفضاً من أسعار وصلت إلى دولار و21 سنت يوم أمس الإثنين. وجاء الانخفاض في الجنيه الإسترليني وسط انتظار المتداولين صدور بيانات اقتصادية من المملكة المتحدّة، تشمل اليوم بيانات موافقات الرهن العقاري، وكذلك صافي الإقراض للأفراد والمعروض النقدي.
ورغم البيانات الاقتصادية السلبية التي صدرت اليوم من اليابان مظهرةً استقرار البطالة عند 2.6% في وقت كانت التوقعات تشير لاحتمال انخفاض المعدّل، ورغم صدور بيانات أكّدت تباطؤ غير متوقّع في مبيعات التجزئة من 4.8% إلى 4.3%، شهدنا ارتفاعاً في الين الياباني. وهبط الدولار متأثّراً بصعود الين من 139 ين لكل دولار إلى 138 ين للدولار الأمريكي الواحد. ويستفيد الين الياباني من حالة القلق عندما تسود أسواق الأسهم، فيتم استخدام الين الياباني لتصفية المراكز المالية. هذا وانخفض مؤشر نيكاي الياباني اليوم بنحو 0.48% رغم الارتفاع الملموس في عديد من مؤشرات الأسهم الآسيوية الأخرى.
واستطاعت مؤشرات الأسهم الآسيوية الارتفاع اليوم بعدما ردع التواجد الأمني المكثّف للشركة الصينيّة الاحتجاجات التي كانت تؤثّر في البلاد. كما ارتفعت أسعار النفط بعد ردع الاحتجاجات في ثاني أكبر مستهلك في العالم، لتصعد اليوم عقود خام غرب تكساس الوسيط إلى 79 دولار قبل أن تقلّص قليلاً من مكاسبها وتتداول عند 78 دولار، مقارنة بأسعار وصلت أمس إلى 73 دولارا. كما ارتفعت عقود خام برنت إلى 86 دولار، وتتداول لحظة كتابة هذا التقرير حول 85 دولار، بارتفاع من أسعار وصلت لـ80 دولار للبرميل يوم أمس الإثنين.
واليوم، يبدو بأن الدولار الأمريكي قلّص بعض المكاسب التي حققها أمس، بانتظار صدور بيانات اقتصادية من الولايات المتحدّة، تتمثّل في بيانات مؤشر كونفيرنس بورد لثقة المستهلكين، والتوقعات أن نشهد انخفاضاً في ثقة المستهلك من 102.5 إلى 100.00 نقطة بحسب المؤشر. تجدر الإشارة إلى أن حد الـ100 نقطة يعتبر الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم. بيانات أسوأ من المتوقّع قد تكون سبباً لاستمرار تراجع الدولار، لكن في حال فاجأت البيانات المستثمرين بإظهارها ارتفاعاً لمستويات فوق السابق عند 102.5، فعندها ربما سنشهد ارتفاعاً في الدولار. من ناحية أخرى، صدور النتائج بين هذه القيم قد يجعل حركة الدولار تتسم بالتذبذب.
إلى جانب بيانات ثقة المستهلكين، سننتظر من أمريكا بيانات من أسواق المنازل، والتوقعات بأن تظهر البيانات الاقتصادية استمرار انكماش الأسعار، أي أن تظهر القيم بالسلب، وانخفاض أسعار المنازل يظهر ركوداً في القطاع العقاري الأمريكي في كثير من الأحيان.
أخيراً وليس آخراً، لا يجب أن نهمل احتمالية بدء انخفاض أحجام التداول هذا اليوم، إذ أن الأسواق المالية تنتظر بيانات هامة هذا الأسبوع، تبدأ بالصدور اعتباراً من يوم غد الأربعاء، وتستمر حتى يوم الجمعة المقبل في بيانات الوظائف.