كيف ستؤثّر تصريحات الفيدرالي وبيانات الوظائف اليوم على الذهب والأسهم والعملات؟
تراجع الدولار الأمريكي مقابل سلّة من العملات اليوم الأربعاء بشكل محدود، بعدما كان قد ارتفع يوم أمس، ولتبقى تداولات مؤشر الدولار ضمن نطاق ضيّق نسبياً. وتداول مؤشر الدولار الأمريكي اليوم في نطاق 106 نقاط. كما تم تداول مؤشرات الأسهم الأمريكية في تباين بالأداء يوم أمس، بين انخفاض مؤشر ناسداك التكنولوجي ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.59% و0.16% على التوالي، وبين ارتفاع مؤشر داوجونز بنسبة 0.01% تقريباً. أما أسعار الذهب، فنجدها ترتفع اليوم للجلسة الثانية على التوالي، لكن تبقى ضمن نطاق قريب من 1750 دولار للأونصة.
ويترقّب متداولو الأسواق المالية اليوم صدور بيانات مؤشر ADP لوظائف القطاع الخاص، إلى جانب بيانات مؤشر الوظائف الشاغرة ومعدّل دوران العمل، وكذلك القراءة الثانية للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. لكن، سيركّز المستثمرون والاقتصاديوّن على تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي “جيروم باول”، بحثاً عن أي دلائل جديدة عن توجّهات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في قراراته المقبلة.
سابقاً، صرّح العديد من أعضاء الاحتياطي الفيدرالي مشيرين إلى أن التضخّم ما يزال مرتفعاً، وأن الاحتياطي سيمضي قدماً برفع الفائدة. لكن من ناحية أخرى، تتوقّع الأسواق أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي خفض وتيرة رفعه الفائدة اعتباراً من الشهر المقبل ديسمبر في اجتماعه في الـ 14 من ذلك الشهر. وبحسب مجموعة CME، تتوقّع الأسواق اكتفاء الفيدرالي برفع الفائدة 50 نقطة أساس.
أداء الأسواق المالية اليوم
تم تداول اليورو مقابل الدولار الأمريكي حول سعر 1.03 دولار لليورو الواحد، وما يزال الزوج يتداول بقليل من الانخفاض على المدى الأسبوعي. وإلى جانب البيانات الاقتصادية الأمريكية وتصريحات الفيدرالي اليوم، ستترقّب الأسواق صدور مؤشر أسعار المستهلكين من منطقة اليورو، مع توقعات انخفاض معدّل التضخّم من 10.6% إلى 10.4%.
بالنسبة للجنيه الإسترليني، نجده اليوم يتداول عند دولار و19 سنتاً أمريكي، وهذا بانخفاض من مستويات كان قد وصلها في وقت سابق من الأسبوع عند دولار و21 سنت. وجاء الانخفاض في الجنيه الإسترليني بعدما صرّح رئيس بنك إنجلترا المركزي “بيلي” يوم أمس، قائلاً بأن سوق العمل البريطاني أصبح “مقيّداً” أكثر مما اعتقد البنك، مظهراً حالة من عدم اليقين حول حجم التشديد الكمّي المطلوب في البنك.
وتداول الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني في نطاق 138 ين للدولار الأمريكي الواحد خلال تداولات اليوم، حيث كانت حركة الين الياباني ضعيفة نسبياً، بين انخفاض الدولار الطفيف وانخفاض الين الياباني بعد بيانات من أسواق المنازل اليابانية أظهرت انخفاضاً في بدء إنشاء المنازل، حيث أفادت البيانات بانكماش بلغت نسبته 1.8%، وبأكثر من المتوقّع في عدد المنازل الجديدة التي بدأ اليابانيّون بنائها.
في أسواق الطاقة، تراجعت أسعار النفط قليلاً، لكنها بقيت قرب أعلى مستوياتها ليوم أمس، مستفيدة من سيطرة قوّات الأمن الصينية على احتجاجات واسعة في البلاد من مناهضي إغلاقات كورونا. هذا وصدرت بيانات مؤشرات قطاع الصناعات التحويلية والقطاعات غير التصنيعية في الصين، لتظهر انكماشاً في القطاعات في ثاني أكبر مستهلك للنفط بالعالم. على ذلك، جرى تداول سعر عقود خام غرب تكساس الوسيط تسليم شهر يناير قريباً من 79 دولار للبرميل، وتداولت عقود خام برنت لنفس الأجل قرب 85 دولار.
وننتظر اليوم صدور بيانات المخزون الأمريكي بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ومن المتوقّع أن يظهر التقرير انخفاضاً آخر بأكثر من 3 ملايين برميل في المخزون. لكن، ستركّز الأسواق أيضاً على البيانات الاقتصادية التي ستصدر من عدّة دول، فأسعار النفط تتأثّر أيضاً بتوقعات النمو الاقتصادي في عظمى الدول حول العالم.
كيف ستتأثّر الأسواق بالمستجدات الاقتصادية اليوم؟
آخذين بعين الاعتبار أن الأسواق تركّز على خطوات الاحتياطي الفيدرالي المقبلة، فقد تكون بيانات الوظائف الأسوأ من المتوقّع سبباً لبعض الانخفاض في الدولار، مما قد يفيد الذهب وأسواق الأسهم. لكن، بيانات أفضل من المتوقّع ربما تقدّم للدولار بعض الدعم وتتراجع أسعار الذهب والأسهم. البيانات الاقتصادية المتعلّقة في النمو والتي تشير إلى استقرار الاقتصاد قد تعطي المستثمرين سبباً للاعتقاد بأن الفيدرالي سيمضي قُدُماً برفع الفائدة النصف الأول من 2023، إلا أن بيانات أسوأ من المتوقّع قد تعني أن الفيدرالي سيتوقّف عن رفع الفائدة في لحظة ما الربع الأوّل من العام المقبل.
لكن، من المحتمل أن يكون تأثير البيانات الاقتصادية مختلطاً وتشهد تحرّكات أزواج العملات المرتبطة في الدولار تذبذباً وهذا ما قد ينعكس على حركة أسعار الذهب والأسهم، في حال صدرت نتائج البيانات قريبة من التوقّعات، فالأسواق سعرّت بالفعل الآن عدد وظائف مستحدثة في وظائف الشركات الخاصة بحوالي 196 ألف وظيفة جديدة، مع 10.24 وظيفة شاغرة، إلى جانب نمو اقتصادي تبلغ نسبته 2.8% الربع الثالث الماضي في الولايات المتحدّة.
تأثير تصريح رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
تشير توقعات الأسواق لاحتمال رفع الفائدة 50 نقطة أساس الشهر المقبل، وتختلط الآراء حول رفع الفائدة في مطلع فبراير، بين 25 نقطة أساس و50 نقطة أساس، وكذلك تختلط الآراء حيال خطوة الفيدرالي شهر مارس، فيما إذا كانت معدّلات الفائدة ستصل إلى 4.75% أو إلى 5.00%. لذلك، سيركّز المستثمرون اليوم على تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي، وإذا كانت التصريحات تشير إلى أن أسعار الفائدة قد تصل مستويات فوق 5.00%، عندها قد نشهد ارتفاعاً قوياً بالدولار، لكن إذا أفادت البيانات بأن الفائدة ستكون أقل من 4.75% في اجتماع شهر مارس 2023، عندها قد نرى الدولار يتراجع على نحو ملحوظ.
لكن من ناحية أخرى، إذا كانت تصريحات الاحتياطي الفيدرالي على نفس التشدد المتوقّ، أي أن نرى أسعار فائدة شهر مارس 2023 عند 4.75% أو 5.00%، فعندها قد نشهد تذبذب الدولار.
وعلى الأرجح، لن يذكر الفيدرالي سعر فائدة محدد في تصريحاته اليوم، إلا أن لهجة الحديث ستعتبرها الأسواق تلميحاً على ذلك، فلهجة تعبّر عن عدم الرضى على التضخّم، مع تلميح بأن الاقتصاد ما يزال قوياً ويحتمل رفع الفائدة، عندها قد تعتبر تلك إشارة لاحتمال رفع الفائدة على نحو كبير. لكن، إذا بدأ الفيدرالي الإشارة لمخاوفه على النمو الاقتصادي، هنا قد تعتبر الأسواق ذلك إشارة إلى أن الفيدرالي فعلاً سيبطئ رفع الفائدة بشكل كبير.